بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى ما وجدت الأسباب، كانت النتائج؛ ولذلك يقول جل وعلا منبها لهذا الأمر (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) ويقول جل وعلا: (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) ويقول سبحانه: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً).
وقال ابو البقاء الرندي يرثي الأندلس:
لكل شيء إذا ما تــم نقصــان *** فلا يُغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دول*** من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبقي على أحد*** ولا يدوم على حال لها شان
أين الملوك ذو التيجان من يمن*** وأين منهم أكاليل وتيجان
وأين ما شاده شداد في إرم*** وأين ما ساسه في الفرس ساسان
اما المتنبي فيقول:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه *** تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
اما امامي الشافعي فيعيب الناس لا الزمن على ما نحن فية (بل ما كانوا فيه قرونا مضت) فيقول:
نعيب زماننا والعيب فينا٭٭٭وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب٭٭٭ولو نطق الزمان لنا هجانا
فماذا سيقول عنا اليوم؟ والله الذي لا اله غيره لتمنى الموت قبل هذه الفاجعات اللتي حلت بالمسلمين. وما هذا الا بعد ان ضاع الدين واصبح عمامة على الكتف او رقعة قماش خفيف على الراس او كتاب مغطى بالغبار على ارفاف المكتبات.
أخرج ابو داود رحمه الله في سننه عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه أن قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا فَقَالَ قَائِلٌ وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ قَالَ بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمْ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ فَقَالَ قَائِلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ )
هنا يبين صلى الله عليه وسلم أن الأمم الكافرة والضالة ستجتمع ويدعوا بعضهم بعضا لحرب المسلمين واستغلال خيراتهم ،واستحلال بلادهم ، كما يجتمع جماعة من الناس على إناء فيه طعام ينادي بعضهم بعضا للتعاون على أكله ، والاستفادة منه.
فصدق الصادق الامين فها قد سقطت الأندلس وقد سلبت فلسطين وعويلمت تركيا وقسم العالم الاسلامي وفرق لكي يسد المحتل شوكتنا. ولكن العيب عيبنا ولله الامر من قبل و من بعد وهذه ارض الله يهبها من يشاء ويسلبها من من يشاء.
ولكن ما عيبنا يا اهل القرآن؟ اسال نفسك وسوف تعرف. افتح جوالك وستعرف. انظر حولك وستعرف، من احب الناس اليك؟ ما اغنيتك المفضلة؟ هل قلبك نظيف؟ هل تصلي خمس مرات كل يوم وهل انت صاحب صدقة وصوم؟ هل تامر بالمنكر وتنهى عن المعروف؟ ام هل تعين اصحابك على الشر والرذيلة؟ مع من تسهر كل ليلة والى متى؟ هل تهتم باهلك واخوتك، ام هذا لا يخصك؟
إذا كنت صادقا في حبك لارضك وامتك فابدا بنفسك وتذكر ان مشوار الالف ميل يبدا بخطوة ، وعلم ان نيل المطالب ليس بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا.
نعم ارضنا في حال يرثى لها، مزقتنا الحروب ودمائنا مستباحة واذا ذكر اسم الصومال يتراوى الى الذهن المجاعات مالتشرد والاحتقار والشفقة المصتنعة ، ويمر الوقت و تجري الايام ، وبعد عقدين من الزمن و مازلنا على حالنا، هل تعلمنا مما مضى؟ هل سنحاول تصحيحالاخطاء التي سبق و اقترفناها؟
ما استغرب منه هو العنجهية والتكبر والاستعلاء من قوم تشردوا كتشرد بني اسرائيل لما غضب الله عليهم وعاقبهم بالتيه في الصحراء اربعين عاما، وربما يريد الله ان يرينا في انفسنا بعض آياته. ولم لا وقد عصينا الله جهرة اعواما فيارب اغفر لنا ولا تعذبنا اللهم بما فعل السفهاء منا.
والاسخر من هذا كله رجال تعلموا دين الله ثم اتبعوا اهوائهم استباحوا دماء المسلمين بعد ان حرمها الله عليهم. فقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق كبيرة من أكبر الكبائر ، ويعظم الجرم ويشتد الإثم حين تكون هذه النفس نفسا مؤمنة ، فلا شك أن حرمة دم المسلم أعظم عند الله -تعالى- من حرمة الكعبة بل زوال الدنيا أهون عند الله من قتل المسلم ، وقد تواترت الأحاديث الدالة على هذا المعنى وفيها من الترهيب ما يردع من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد..
إذا تقرر هذا فإن حرمة دم المسلم حرمة عظيمة ويكفي ما ورد من ترهيب مخيف في سفك دم المسلم بغير حقولا شك أن حرمة دم المسلم مقدمة على حرمة الكعبة المشرفة، بل حرمة دم المسلم أعظم عند الله عز وجل من زوال الدنيا فقد ورد في الحديث عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار)وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/629.
فالله اكبر على امة عالمها اجهل من جاهلها وانا لله وانا اليه لراجعون. نسأل الله لجميع الموتى الرحمة والمغفرة والصبر والسلوان لجميع اهالي الصومال الحبيب على مصائب الزمن.
اما "ماذا بعد دمار الصومال" فهذا هو الفصل الاخير من قصتنا نحن الصوماليون، لم نكتبه بعد، فاختر نهاية القصة، هل سنبني ارضنا ونتحد على اقاف سفك الدماء؟ ام نبقا
متشردين في الارض حتى يرث الله الارض و من عليها؟.
اخوكم
م. محمد موسى
من مدينة المطر منشستر